برامج التواصل الاجتماعي بأنواعه وسائل طيبة لتحقيق غايات نبيلة يُظهر أحدُنا من خلال تعامله معها ما يحمله من تربية، ويُفصح عن أثر ما يُكنّه من أخلاق، ويجتمع فيها أساليب متعدّدة من تعاملات النّاس وأحاديثهم وظنونهم وتعبيرهم، ويُمارس فيها ممارسة عمليّة ـ يقلّ نظيرها ـ لأنواع شتى من الحوار .
والموفق من سلك بنفسه سبيلا قِيَماً ينتقي أطايب الكلام كما ينتقي أطايب الثّمر، ويبثّ بين جنبات مجموعته روح الفأل والتناصر والتواصي بالخير والصبر ، ويذلّ لإخوانه المؤمنين في تواضع يرفعه ورحابة تشمخ به ، ويرسم له ولهم طريقا يدفع نحو العمل والانجاز والبرّ والصلة .
تواصله في جميع ما اتصل به من برامج لا مراء فيه ولا جدال إلا بالتي هي أحسن، ينأى بنفسه عن المهاترات والملاسنات والاتهام والتقابل والتقاطع والمدابرة .
يبتعد عن مواطن الإلتباس أو النيل من الأعراض ، ولا يدخل إلا بالحسنى ، عذب حديثه كأنما هو الزلال ، يتحدّر منه اللؤلؤ والمرجان بالمجّان، لا يريد جزاء ولا مدحا ولا شكورا، يتعامل مع الآراء كما قال الإمام الشافعي: رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، لا يتعصّب لرأيه ولا يغضب على من عارضه، بل حاله السماحة، وروحه الرحمة والعفو والغفران.
يكسب إخوانه ويحاصر الشيطان الآز للسوء بكل ما استطاع من قوّة. ويردد ( أخي يظلّ أخي مهما اختلفنا رغم أنف ووسوسة الشيطان).
ظنّه الحسن وديدنه الصفح ، ومُعَرّفه ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )، لكأنك تنظر إليه خلف مفاتيح كَتْبِهِ مبتسما، طلْق المحيّا منشرحا هاشّا باشّا.
يعلّق على كتابات إخوانه محتسبا الأجر من الله في شحذ هممهم للمعالي ، ويأخذ بأيديهم إلى كل مليحة من عبارة ، وطيبٍ من إشارة ، ولا يقحم نفسه بفظيظ من القول ، ولا ينشر إلا ما ينبغي له نشره من حق وصدق، مجتنبا التلفيق والكذب ، متثبتا من كل واقعة تحدث، ناشراً ما يحقق مصلحة في الخير راجحة.
يدخل على مجموعته السرور في ترويح بريء، وطُرَفٍ ونوادر ماتعة، لا وجوم معه ولا جُهُوم ، ولا تكلّف فيه ولا تكبيت.
لا يفضح أخاه بين الملأ لخلاف خاص بينهما ، فينشر في مجموعته عوارا، ويظهر للناس أسرارا ، ويذيع عنه أخبارا.
لا يحمل حقدا قديما ، ولا يغلّ نفسه بخطإ من أخيه عفى عليه الزمن، وتغيّرت الأحوال وتبدّلت الأيام به، وقد يكون ممّن حطّت رحاله عند ربّه مرضيّا عنه، وهو لا يزال يناله بكلاليب لسانه تصريحا أو بلحن من القول .
كن بين مجموعتك في برامج التواصل الاجتماعي كراحلة ينتفع الناس منك، تنقلهم إلى كل جميل، وتحملهم إلى برّ الأمان، وتعين النّاس على صنع المعروف، وتقيهم الشطط والزلل قدر استطاعتك.
اجتهد وسعك فكن من القليل الذي أخبر عنهم حبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله:" إِنّمَا النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً ".
واحذر كل الحذر أن تكون من ( الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) .